U3F1ZWV6ZTQzMzIwNTg0NTE1ODAzX0ZyZWUyNzMzMDM3MDY4MDg2Mg==

نص بعنوان 'خيبات منتصف الطريق' للكاتبة امل القنواني||جريدة كُتاب طيف

خيبات منتصف الطريق.







أتخيل ماذا سيحدث أن أصبح كل هذا وهم، أن جميع ما عشناه من خذلان وفقد وإهمال وبكاء وأن تلك الصفعات على وجوهنا كانت ليست سوى محاكاة من عقلنا الصغير؟

في الثانية فجرًا تحدث نفسها وهي مستلقي على ذالك الفراش وتنظر إلى العدم لمدة مجهولة، مدة تجعلها تفرغ ما في قلبها وعقلها من اعباء؛ تتذكر كل الأشياء التي حدثت معاها؛ لقد تبددت أحلامها وأصبحت سرابًا وصار ما كانت تخشى حدوثه ولا تعرف بماذا عليها أن تفعل؛ مكتوفه الأيدي جامدة لا تقوى على الحراك وهي ترى مفتاح زنزانتها ينتقل من يد رجل تناديه ب أبي لياخذه سجانًا أخر يطلقون عليه اسم زوجها؛ ليمسك بيدها ويزج بها في سجن أخر يسمى "بيت زوجها" لقد توهمت انه حين يختلف أسم الرجل الذي يمتلك المنزل سيختلف السجن ولكن كانت صغيرة فلم تعلم إنها تزج لسجن أبدي ستخرج منه إلى المقابر.

أصبحت تتقبل جميع الأمور وتتقبل ذلك الشخص الذي يدعى زوجها؛ فهذا الجسد الفاني لا يحتمل مزيدًا من المعاناة، أصبحت تخشى هذا الشيء الذي تحولت له؛ شيء باهت بلا روح؛ فجميع الأشياء اصبحت تفقد قيمتها بأعينها؛ لطالما كانت أحلامها هي خيوط النجاة التي تتشبث بها؛ لجعل الحياة أيسر ولكنها تحولت بين ليلة وضحاها إلى أشياء تشبه المشانق تلتف حول عنقها وتمنعها من الفرار لتحتجزها في عقلها ليبدأ بتكرار أنه سيء وغير قادر على الحراك؛ ولكنها لم تكن بحاجه إلى سعادة عارمة، كانت تكفيها يد تشد على كتفها بعد صراعات دامت طوال اليوم، كانت بحاجة إلى شخص يسير معها الطريق حتى وإن حُنى ظهرها قليلًا، كانت بحاجة إلى يد تمسك بيديها وسط الظلام لا لتنيره بل فقط؛ لتشعرها أنها ليست بمفردها، كانت تحتاج لمن تنظر له؛ فتطمئن حتى وأن كانت نهاية العالم بعد دقائق، كانت تظن أنه نورًا وجاء ليخرجها من عتمت حياتها لتكمل طريقها؛ حتى وجدت هذا النور تحول لنار جائت لتحرق ما تبقى من فتاتها.

أنتهت طاقتها، أستنفذت مشاعرها، وأحلامها، وآمالها، نصيبها من القلق، الحزن، الألم، ونوبات البكاء، الأمسيات الحزينة والصباحات المؤلمة، أستنفذت قدرتها على المقاومة ورغبتها في تغير حياتها، رحل الجميع وجهها، لمعه عينها، نشاطها، ضحكها، نكاتها.

تتذكر عندما كان يعود ذلك الشخص الذي يدعى بزوجها من العمل وتبدأ ساعات العراك والضرب، الشتائم تتقاذف في الهواء والأطباق تتطاير على رأسها، لتجد زاوية في الصالة وتجلس تحاوط قدميها بيديها، ترتعش من الضرب والبكاء، وهو يشعل سِجارته بمزيد من الشتائم ويدخل غرفته لينام، وهي جالسة في مكانها لا تفعل شيء سوى أن تنهال على أطفالها بالشتائم وتزيد 

"أكرهكم؛ لولاكم لكُنت تحررت".

تتذكر كم كانت صعبة تلك الليالي التي حاولت فيها تجاوز شعور الغصة العالق بمنتصف صدرها من سوء كل ما يحدث معاها، تحاول، تحاول، تحاول؛ ثم آخرًا أدركت أن شيئًا ما بداخلها تمزق، ظل للفشل، الانعزال، التحطم، الحزن، ذهنها مشتت، خطواتها غير ثابتة، لا تستطيع أن تخطو خطوة للأمام ولا تنظر خلفها، أطرافها مدببة لا تستطيع آن تحتضن حتى نفسها، تشعر بإنتهاء طاقتها ولا تجد وسيلة لترميم ما تبقى منها، رغبة تتزايد في أن تتخلى عن أسمها، أقاربها، أختياراتها، أبناءها.

عند هذه النقطة ترغب بالصراخ وغلق عينِها؛ كي لا تتذكر كيف تركت أطفالها وركضت هاربة من جحيم ذلك الرجل القاسي.

 تتذكر كيف جعلها أمرأة أصبحت لا تستطيع حتى أن تحتضن أبناءها.

استيقظت من أفكارهاا؛ بنوبات بكاء، صراخ، تشتت لآلاف القطع؛ لا تتوقف إلا بعد إرهاق عينيها؛ فتستسلم للنوم.


لـِ أمل القنواني|| طيـف ے'


 

تعليقات
تعليق واحد
إرسال تعليق

إرسال تعليق

الاسمبريد إلكترونيرسالة